1- عجبت من جرأة فئة من الناس، يفسرون القرآن من خلال فهمهم، ولا يرجعون إلی كتب التفسير، ووصلت لي رسالة مرات عدة، في فترات مختلفة؛ ففي كل مرة تبعث من جديد،وكنت أكتفي بالرد علی من أرسلها،وتوضيح الحقيقة له ، ولكن اﻷمر تفاقم من خلال كثرة إرسالها؛فكان لابد من تصحيحه برسالة عامة،أحتسب أجرها عند الله-لي ولمن نشرها-يوم لا ينفع مال ولا بنون
2- واﻵية هي قول الحق سبحانه وتعالى في سورة النساء:( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً)
3- فهم بعض من الناس هذه اﻵية فهما خاطئا؛ حيث كان نص الرسالة :( كثير منا يسعی، ويكد، ويتعب؛ ليؤمن مستقبل أولاده؛ ظنًّا منه أن وجود المال في أيديهم بعد موته أمان لهم . وغفل وتغافل عن اﻷمان العظيم، الذي ذكره الله في كتابه ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً).
4- قلت: وليس في تفسير اﻵية أي قول مما ذكروه، بل وحتی في ظاهرها ليس فيه ما يؤيد فهمهم الخاطئ ؛ ﻷن قوله تعالی :( وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً) واضح أنه خطاب لغير المُوصِي.
5- وتفسير اﻵية معاكس لقولهم وضده؛ فتفسير اﻵية الصحيح: إن هذا الخطاب موجه للذين يجلسون عند المريض الذي يحضره الموت، فيحثونه علی الوصية، ويقولون له : إن ذريتك لا يغنون عنك من الله شيئًا؛ فقدم لنفسك، وتصدق، وأعط فلان وفلان، حتی يأتي علی عامة ماله ، ولا يزالون يأمرونه بالوصية للأجانب، حتى لا يبقی من ماله لورثته شيء ، فنهاهم الله تعالی عن ذلك، وأمرهم الله أن يأمروه أن ينظر لولده، ولا يجحف بورثته ، ثم خاطبهم الله بأن ذكرهم بأن يجعلوا أنفسهم مكان هذا المُوصِي، فكما أنكم تكرهون بقاء أولادكم في الفقر والجوع، والضعف من غير مال؛ فاخشوا الله، ولا تحثوا المريض علی أن يحرم أولاده الضعفاء من ماله .
6- وحاصل الكلام (إنك لا ترضى هذا الفعل لنفسك، فلا ترضه ﻷخيك المسلم ) لقوله صلی الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتی يحب ﻷخيه ما يحب لنفسه ) رواه البخاري ومسلم.
7- والمراد: إن الله أمرهم باتقاء الله في أولاد الناس، ولا يحرموهم من الميراث؛بحثهم والدهم بأن يتصدق بجميع ماله قبل موته.
8- تناقل هذه الرسالة التي فيها حث للآباء علی التبرعات والصدقات وحرمان أولادهم؛ مخالف للآية، وجاء الخطاب للآباء وهم في مرحلة الضعف؛ ﻷن تأثره في مرحلة ضعفه ومرضه أكثر، ودافع حبه للخير أظهر.
9- وما تناقلوه أيضا في الرسالة معارض لقوله صلی الله عليه وسلم: ( إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ) رواه البخاري ومسلم . وهم يحثون في رسالتهم أن يدع الآباء الأبناء،والأهل،والأزواج فقراء،فهل نقبل بفهمهم أم أمر ربنا، ونصح نبينا محمد،صلى الله عليه وسلم ؟
10- وأما حث الإنسان على فعل الخير، وتذكيره بالآخرة، وحثه على التصدق والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأقارب؛ فهذا أمر طيب، وخاصة في مراحل نشاط الإنسان وقوته ، وصحته . ولكن حث الإنسان على إهمال أولاده وورثته، وبأنهم لن ينفعوك ، والاستدلال بآية هي ضدهم؛ فهذا هو الخطأ المبين،وخلاصة الكلام: ليست المناقشة في مسألة الحث على الصدقة ، وإنما التحذير من تفسير الآية في غير الحق . والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد،وعلى آله وصحبه وسلم.
==========================
قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
والمشرف العام على موقع الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي
تويتر ، وفيس بوك DrsalehAlosaimi@
الرياض - ص.ب 120969 الرمز 11689
فاكس وهاتف: 012414080
البريد الإلكتروني: s555549291@gmail.com