|

19 جمادى الأول 1446 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

تُحْفَرُ لَهَا حُفْرَةٌ،ثُمَّ تُوضَعُ فِيهَا إِلَى صَدْرِهَا،بَعْدَمَا شُدَّت عَلَيْهَا ثِيَابُهَا( )،ثُمَّ يُقبلُ جَمْعٌ مِنَ الْأَصْحَابِ لِرَمْيِهَا بِالْحِجَارَةِ إِنْفَاذًا لِأَمْرِ اللهِ؛لِقَوْلِهِ تَعَالَى:(وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)( ) فَتُلْقَى الْحِجَارَةُ عَلَى جَسَدِهَا لِتُطَهِّرَهُ،فَيَتَطَايَرُ دَمُهَا،فَيُصِيبُ خَالِدًا،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،فَسَبَّهَا،فَسَمِعَه النَّبِيُّ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَقَالَ:«مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ»( ) اللهُ أَكْبَرُ! مَعَ وُقُوعِهَا بِالْفَاحِشَةِ الْكُبْرَى، إِلَّا أَنَّ تَوْبَتَهَا كَانَتْ تَوْبَةً صَادِقَةً،وَلَيْسَ أَدَلُّ عَلَى صِدْقِ هَذِهِ التَّوْبَةِ وَقُبُولِ اللهِ لَهَا؛ مِنْ أَنَّهَا لَو وُفِّقَ لِمِثْلِهَا صَاحِبُ هَذَا الدَّنْبِ الْعَظِيمِ لَوَسِعَتْهُ. فَهَلِ اِقْتَصَرَ أَمْرُ صِدْقِ تَوْبَتِهَا عَلَى هَذَا الْفِضْلِ الْعَظِيمِ؟ لاَ، بَلْ هَاهِيَ تُقَدَّمُ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ، وَيَتَفَاجَأُ الْمُصَلُّونَ بِأَنَّ مَنْ يَتَقَدَّمُ لإِمَامَةِ صَلاَةِ الْجِنَازَةِ هُو نَبِيُّ الْهُدَى، نَبِيُّ الرَّحْمَةِ،إِمَامُ التُّقَى، أَعْظَمُ خَلْقِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَيَتَعَجَّبُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ ذَلِكَ؛فَيَقُولُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ،تُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«يَا عُمَرُ،لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى؟»( ). اللهُ أَكْبَرُ! تَابَتْ تَوْبَةً مِنْ صِدْقِهَا، وَعِظَمِهَا،لَوْ وُزِّعَتْ عَلَى سَبْعِينَ مُذْنِبٍ،وَمُقَصِّرٍ،وَمُفَرِّطٍ لَوَسِعَتْهُمْ فَغُفِرَ لَهُمْ .

   إِنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ الصَّحِيحَةَ لَتُؤَكِّدُ سِعَةَ رَحْمَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقُبُولَهُ تَوْبَةَ التَّائِبِينَ مَهْمَا عَظُمَتْ. إِنَّ مِنْ مَزَايَا هَذِهِ الْمَرْأَةِ اِعْتِرَافَهِا بِذَنْبِهَا، وَإِقْرَارَهَا بِخَطَئِهَا؛ فَأَعْقَبَتْهَا تَوْبَتُهَا مِنْ هَذَا الذَّنْبِ.

   وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا وَقَعَ فِي شَيءٍ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ أَنْ يَفْضَحَ نَفْسَهُ،وَيُطَالِبُ بِتَطْهِيرِهِ؛ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ وَيَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَتُوبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ بَعْدَ أَنْ رَجَمَ الْأَسْلَمِيَّ فَقَالَ: «اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ وَلْيُتُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»( )؛إِنَّمَا الْمَقْصُودُ أَنَّ الْاِعْتِرَافَ بِالذَّنْبِ،وَالْإِقْرَارَ بِالْخَطَأِ،هُوَ الْبَوَّابَةُ الْأُولَى الْمُوَصِّلَةُ لِلتَّوْبَةِ. وَلِذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَندٍ صَحِيحٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ لِذَلِكَ الذَّنْبِ، إِلَّا غَفَرَ لَهُ "( ) . قَالَ تَعَالَى: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)( ). 

إِنَّ الْخَطَأَ الْكَبِيرَ أَنْ يُذْنِبَ الْعَبْدُ،ثُمَّ يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَى حَقٍّ وَصَوَابٍ؛فَيُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللهُ،إِمَّا لِجَهْلِهِ،أَوْ اِعْتِدَادِهِ بِنَفْسِهِ،أَوْ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ،  قَالَ تَعَالَى:( وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) ( ) 

 هُنَاكَ مَنْ يَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ؛ فَيَقَعُونَ فِي الْغِيبَةِ،وَرُبَّمَا يَتَجَاوَزُونَهَا إِلَى الْبُهْتَانِ. يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِمَا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ، يَغْتَابُونَ الْوُلاَةَ، فِي حِسَابَاتِهِمْ، وَيُحَلُّونَ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ تَارَةً بِأَنَّهُ نُصْحٌ، وَتَارةً بِأَنَّهُ إِنْكَارُ مُنْكَرٍ. وَيَسْلُقُونَ الْعُلَمَاءَ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ، فِي مُنْتَدَيَاتِهِمْ، وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَالدُّعَاةِ، وَالْوَعَّاظِ فِي مَجَالِسِهِمْ بِدَعْوَى الْجَرْحِ وَ التَّعْدِيلِ، وَمَا يَفْعَلُونَهُ هُوَ تَجْرِيحٌ وَتَفْضِيحٌ، دَافِعُهُ - فِي الْغَالِبِ - الْغِيْرَةُ وَالْحَسَدُ،إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي،وَقَلِيلٌ مَا هُمْ. إِنَّ التَّقَرُّبِ بِهَذَا الْفِعْلِ الْقَبِيحِ إِلَى رَبِّ الْعِالَمِينِ،لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا جَاهِلٌ،فَهُمْ يَقَعُونَ فِي الْمَعَاصِي،وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا،قَالَ تَعَالَى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)( )،وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مُسْتَحِلَّ الْمُحَرَّمِ الثَّابِتِ تَحْرِيمُهُ كَافِرٌ؛ وَلَو لَمْ يَقَعْ مِنْهُ، كَمَنْ اِسْتَحَلَّ الْخَمْرَ فِإِنَّهُ يَكْفُرُ، وَلَو لَمْ يَشْرَبْهَا، ومن شربها وهو مقرٌّ بحرمتها، ولم يستحلَّها، لا يكفر، وإنما وقع في الكبيرة،وأمره في الآخرة إلى ربِّه،إن شاء عذَّبهُ وإن شاء غفر لهُ.

 وَمَا أَرْضَى صَنِيعُهُمْ هَذَا إِلَّا أَعَدَّاءَ الْإِسْلَامِ، مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجَانِّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: مَنْ تَقَرَّبَ إِلَى اللهِ بِمَا لَيْسَ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا؛ فَهُوَ ضَالٌّ مُتَّبِعٌ لِلشَّيْطَانِ،وَسَبِيلُهُ مِنْ سَبِيلِ الشَّيْطَانِ ( ). 

 وَقَدْ يَظُنُّ الْبَعْضُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَاجَةٍ إِلَى التَّوْبَةِ، وَهَذَا ضَلَالٌ مُبِينٌ؛فَالتَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ؛لِأَنَّ الْبَشَرَ لَا يَسْلَمُونَ مِنَ الْأَخْطَاءِ،قَالَ تَعَالَى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)( ). 

  قَاَل رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ»( ). وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ:( لاَبُدَّ لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْ تَوْبَةٍ،وَهِي وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَوَّلِينَ،وَالْآخِرِينَ ). قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : اِتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ فَرْضٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؛لِذَا بَادَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْبَةِ،وَهُوَ الْمَعْصُومُ،الْمَغْفُورُ لَهُ وَلِذَا كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: « رَبِّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِيِ،وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ ، وَمَا أَنْتِ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي،اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي خَطَاياَي،وَعَمْدِيِ وَجَهْلِيِ وَهَزْلِيِ،وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي،اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ،أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ،وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » ( ). 

وَالتَّوْبَةُ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ رَجَبٍ :" وَظِيفَةُ الْعُمْرِ "( )،وَلاَبُدَّ لِلْتَوْبَةِ مِنْ شُرُوطٍ، وَهِي :

 1- أَنْ يَكُونَ زَمَنُ التَّوْبَةِ قَبْلَ الْغَرْغَرَةِ،وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا؛فَاللهُ يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ؛قَالَ النَّبِيِّ r: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ،مَا لَمْ يُغَرْغِرْ»( ). 

2- الْاِعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ:لِقَوْلِ النَّبِيِّ r لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: (فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ)( ). وَهَذَا مِنْ أَهَمِّ الشُّرُوطِ،وَيَفْتَقِدُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُذْنِبِينَ الَّذِينَ لَا يَعْتَرِفُونَ بِالذَّنْبِ؛وَلِذَا لاَ يُوفَّقُونَ للتَّوْبَةِ،فَهُمْ يُحِبُّونَ لِغَيْرِ اللهِ،وَيَكْرَهُونَ لِغَيْرِ اللهِ،وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا.

3- الْإِقْلَاعُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ؛فَلَابُدَّ للتَّائِبِ مِنَ الْإِقْلَاعِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ،فَالَّذِي يَتُوبُ إِلَى اللهِ،وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى نَفْسِ  الذَّنْبِ،لَا يُعَدُّ تَائِبًا، مِنْهُ .

4- النَّدَمُ،لِقَوْلِ النَّبِيِّ r : «النَّدَمُ تَوْبَةٌ»( )؛لِأَنَّ التَّوْبَةَ إِذَا لَمْ يُصَحِبُهَا نَدَمٌ رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى عَوْدَةِ الْمَرْءِ لِلذُّنُوبِ؛لِأَنَّ النَّدَمَ يُنْزِلُ الْحَسْرَةَ بِالْقَلْبِ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ؛لِذَا قَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ  فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: «إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ»( ).

5- الْعَزْمُ عَلَى أَلَّا يَعُودَ إِلَى تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ مَرَّةً أُخْرَى،قَالَ تَعَالَى: ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)( ) 

6- رَدُّ الْمَظَالِمِ إِلَى أَهْلِهَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ»( ). 

7- الْإِصْلَاحُ: اِشْتَرَطَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْإِصْلَاحَ،وَهُوَ الْحِرْصُ عَلَى أَدَاءِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ،بَعْدَ التَّوْبَةِ،قَالَ تَعَالَى: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ)( ). 

و قَالَ تَعَالَى: ( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)( ). 

فَسَارِعُوا،وَبَادِرُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ،سَارِعُوا إِلَى رَبٍّ غَفُورٌ رَحِيمٌ،يَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r :"لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ،مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ،فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا،فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا،قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ،فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا،قَائِمَةً عِنْدَهُ،فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا،ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ،أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ "( ). وَيَكْفِي التَّائِبَ دَافِعًا لِلتَّوْبَةِ أَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَهْلَ التَّوْبَةَ؛فَمَنْ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتَوبُ فِإِنَّ اللهَ يُحِبُّهُ؛لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ( ). 

   إِنَّ مَا يَحْصُلُ الْآنَ مِنْ زَلَازِلَ،وَفِتَنٍ مِنْ حَوْلِنَا؛عَلَيْنَا أَلَّا نَسْتَهِينَ بِهَا؛فَهِيَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ وَأَمَارَاتِهَا؛لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ القَتْلُ - حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ»( ). 

وَهَذِهِ الزَّلَازِلُ نِتَاجُ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ؛فَلَابُدَّ مِنْ تَوْبَةٍ إِلَى اللهِ،مَعَ الْاِسْتِغْفَارِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ،وَالنَّهْيِّ عَنْ الْمُنْكَرِ،وَأَلَّا يُزَكِّيَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ؛فَيَتَّهِمُ النَّاسَ بِأَنَّهُمْ أَسْبَابُ الْهَلَاكِ،وَبِأَنَّهُمْ هَالِكُونَ فِي ذُنُوبِهِمْ،أَمَّا هُوَ فَلَا. قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ "( ).    

وَاِحْذَرْ أَنْ يَقُودَكَ الشَّيْطَانُ إِلَى الْمُجَاهَرَةِ بِالْمَعْصِيَةِ،فَالعَّاصِي الَّذِي يَتَسَتَّرُ بِمَعْصِيَتِهِ؛وَإِنْ كَانَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ إِلَّا أَنَّ أَمْرَهُ أَهْوَنُ مِنَ الْمُجَاهِرِ بِالْمَعْصِيَةِ؛لِأَنَّ الْمُجَاهِرَ يُغْرِي غَيْرَهُ بِالذَّنْبِ،وَيَفْتَحَ عَيْنَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ:" كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا،ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ "( ) رَوَاهُ الْبُخَاِريُّ.

قَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ : فِي الْجَهْرِ بِالْمَعْصِيَةِ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَبِصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ وَفِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الْعِنَادِ لَهُمْ وَفِي السِّتْرِ بِهَا السَّلَامَةُ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ لِأَنَّ الْمَعَاصِيَ تُذِلُّ أَهْلَهَا "( ). 

جَعَلَنِي اللهُ وَإيَّاكُمْ مِنَ التَّائِبِينَ الْمُنِيبِينَ. وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على سيدنا محمد  .

-----------------------------------------  

قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ 

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 

والمشرف العام على موقع الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي

تويتر ، وفيس بوك DrsalehAlosaimi@

الرياض -ص.ب 120969 الرمز 11689

فاكس وهاتف : 012414080

البريد الإلكتروني: s555549291@gmail.com