وَمِمَّا يُثِيرُهُ أَعْدَاءُ اللَّهِ،الَّذِينَ لَا يَفْتَؤُونَ يُشَاقُونَ اللهَ،وَرَسُولَه؛اِدِعَاؤُهُمْ حِمَايَةَ الْمَرْأَةِ مِنَ الظُّلْمِ،وَمِنْ ذَلِكَ إِثَارَتُهُمْ لِمَسْأَلَةِ نَصِيبِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْمِيرَاثِ فِي الْإِسْلَامِ،وَلَا يَفْتَؤُونَ يُرَدِّدُون كَذِبًا بِأَنْ مِيرَاثَ الأنثى نِصْفُ مِيرَاثِ الذَّكَرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛حَتَّى صَدَّقَ مَنْ لَا يَعَرِفُ الْأَحْكَامَ هَذَا الْكَذِبَ. فَمَنْ قَالَ بِأَنْ مِيرَاثَهَا نِصْفُ مِيرَاثِ الرَّجُلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ؟ هَذَا كَذِبٌ عَظِيمٌ . إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِلَّا فِي صُوَرَةٍ واحدَةٍ مِنْ صُوَرِ الْمِيرَاثِ، عِنْدَمَا يَكُونُ مَعَهَا أَخُوهَا،أَوْ ابْنُ عَمِّهَا الَّذِي فِي دَرَجَتِهَا مَعَ إِلْزَامِهِ بِنَفَقَاتِهَا -وَلَوْ كَانَتْ ثَرِيَّةً- فَمَثَلَا: لَوْ مَاتَ عَنْ اِبْنٍ،وَبِنْتٍ،وَتَرَكَ مَائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا؛ أَخَذَ الْاِبْنُ مَائَةَ أَلْفٍ، وَالْبِنْتُ أَخَذَتْ خَمْسِينَ أَلْفًا،وَأُلْزِمَ الْاِبْنُ بِنَفَقَاتِ أُخْتِهِ؛ فَلَوْ كَانَ إِيجَارُ الْمَنْزِلِ خَمْسِينَ أَلْفًا؛ أُلْزِمَ الْاِبْنُ بدَفَعِ الْإِيجَارِ لِوَحَدِهِ،فَبَقِيَ مَعَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ خَمْسُونَ أَلْفًا كَالَّذِي مَعَهَا،وَأَلْزَمَ بِنَفَقَاتِهَا مِنْ كُسْوَةٍ،وَطَعَامٍ وَغَيْرِهِمَا،وَسَوْفَ نَجِدُ فِي نِهَايَةِ الْعَامِ أَنَّ الرَّجُلَ قَدِ اِسْتَهْلَكَ مَالَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى أُخْتِهِ؛ فَطِبَاعُ الرِّجَالِ تَأْبَى الْأَخْذَ مِنَ النِّسَاءِ؛لِذَا أُعْطِيَ أَكْثَرَ مِنْهَا،مَعَ إِلْزَامِهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا . أَمَّا فِي بَاقِيِ الْمَسَائِلِ؛فَالْأُنْثَى فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ تَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ بِالْفَرْضِ، بِعَكْسِ الرَّجُلِ فَهُوَ وَارِثٌ بَالتَّعْصِيبِ فِي الْغَالِبِ،فَمَثَلًا: لَوْ مَاتَ رَجُلٌ،وَتَرَكَ بِنْتًا،وَبِنْتَ اِبْنٍ،وَزَوْجَةً، وأمًّا، وَعَشَرَةَ إِخْوَةٍ أَشِقَّاءَ؛ لَأَخَذَتِ الْبِنْتُ النِّصْفَ،وَبِنْتُ الْاِبْنِ السُّدُسَ، وَالزَّوْجَةُ الثُّمُنَ،وَالْأُمُّ السُّدُسَ،فَلَاحِظْ أَنَّ الْبِنْتَ -وَهِيَ أُنْثَى- أَخَذَتْ نِصْفَ الْمَالِ،وَالْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ - وَهُمْ رِجَالٌ-لَمْ يَأْخُذُوا شَيْئًا،فَهُمْ وَرَثَةٌ بِالتَّعَصِيبِ يَرِثُونَ الْبَاقِي،وَلَمْ يَبْقَ شَيءٌ.وَخُذْ مِثَالًا آخَرَ:لَوْ أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ،وَتَرَكَ بِنْتًا،وَبِنْتَ اِبْنٍ،وَزَوْجَةً،وَأَبًا؛لَأَخَذَتِ الْبِنْتُ نِصْفَ مَا تَرَكَ،وَالْحَفِيدِةُ السُّدُسَ،وَالزَّوْجَةُ الثُّمُنَ،وَالْأَبُ السُّدُسَ -مَعَ الْبَاقِي لَوْ وُجِدَ- وَالْأَبُ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ فَقَطْ،وَأَخَذَتِ الْبِنْتُ ثَلَاثَةَ أَضْعَافِ مَا أَخَذَهُ،فَلَوْ أَنَّهُ تَرَكَ سِتُمَائَةَأَلْفٍ؛لَأَخَذَتِ الْبِنْتُ نِصْفَهُ ثَلَاثُمَائَةَ أَلْفٍ،وَحَفِيدَتُهِ مَائَةَ أَلْفٍ،وَالْأَبُ - وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْأَبُ- لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا مَائَةَ أَلْفٍ ( فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) [النساء:78]،وَاُنْظُرْ لِمَسْأَلَةِ أُخْرَى مُسَتَمِعًا لِقَوْلِ اللهِ،عَزَّ وَجَلَّ،: ( فَإِنْ كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ) [النساء:11] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ) [النساء:76] ، فَاِنْظُرْ إِلَى تَكْرِيمِ اللهِ،عَزَّ وَجَلَّ، لِلْإِنَاثِ،فَذَكَرَ الْأَخَوَاتِ الْمُنْفَرِدَاتِ،وَذَكَر أَن الْوَاِحدَةَ لَهَا النِّصْفُ، بَلْ وَذَكَرَهَا بِاسْمِ الْأُخْتِ،وَحِينَمَا ذَكَرَ نَصِيبَ الْأَخِ جَاءَ بِالضَّمِيرِ"وَهُوَ يَرِثُهَا".فَأَيُّ تَكْرِيمٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا !
فَلِنَثِقْ بِحُكْمِ اللهِ تَعَالَى:( أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) [التين :8].
-------------------------------
قاله وكتبه:أبوعبد الإله الدكتور/صَالحُ بْنُ مُقبِلٍ العُصَيْمِيَّ التَّمِيمِيِّ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
والمشرف العام على موقع الشيخ صالح بن مقبل العصيمي التميمي
تويتر ، وفيس بوك DrsalehAlosaimi@
الرياض - ص.ب 120969 الرمز 11689
فاكس وهاتف : 012414080
البريد الإلكتروني
s555549291@gmail.com