الْخُطْبَةُ الْأُولَى
لَقَدْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِتَحْوِيلِ الْعِبَادِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ إِلَى عِبَادَةِ رَبِّ الْعِبَادِ، وَنَبْذِ وَطَرْدِ كُلِّ مَا يُعَارِضُ ذَلِكَ، وَمَنِ أَهَمِّهَا قَضَايَا الْجَاهِلِيَّةِ الْمُخَالِفَةُ لِلشَّرْعِ الَّتِي سَحَقَهَا وَحَذَّرَ مِنْ إِحْيَائِهَا، وَلَكِنَّهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ صبى الله عليه وسلم عَادَتْ بِصُوَرٍ شَتَّى، وَأَسَالِيبَ مُخْتَلِفَةٍ، وَطَرَائِقَ مُتَعَدِّدَةٍ، وَكُلَّمَا خَرَجَتْ فِي زَمَانٍ وَقَفَ لَهَا العُلَمَاءُ وَالدُّعَاةُ بِالْمِرْصَادِ، وَبِدَايَاتُهَا قَدْ تَكُونُ صَغِيرَةً، وَلَكِنَّهَا تَكْبُرُ مَعَ الأَيَّامِ، فَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ، وَلَقَدْ حَذَّرَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنَ السُّخْرِيَةِ وَالْعَصَبِيَّةِ الَّتِي يَكُونُ دَافِعُهَا قَبَلِيَّةً أَوْ مَن مناطقة أَوْ أَيَّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ التَّعَصُّبِ لِلْجَمَاعَاتِ وَالْأَفْرَادِ مَنْهِيٍّ عَنْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بئسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَان وَمَنِ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
إِنَّ الْمُجْتَمَعَ الَّذِي يُقِيمُهُ الْإِسْلَامُ بِهَدْيِ الْقُرْآنِ مُجْتَمَعٌ كَرِيمٌ لِكُلِّ فَرْدٍ فِيهِ كَرَامَتُهُ الَّتِي حَفِظَهَا الْإِسْلَامُ لَهُ , لَا يَجُوزُ أَنْ تُمَسَّ. إِنَّ الْقِيمَ الظَّاهِرَةَ لِلنَّاسِ لَيْسَتْ هِيَ الْقِيَمَ الْحَقِيقِيَّةَ، الَّتِي يُوزَنُ بِهَا النَّاسُ، فَهُنَاكَ قِيَمٌ حَقِيقِيَّةٌ أُخْرَى هِيَ الْخَافِيَةُ عَلَيْهِمْ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللهُ لِأَنَّهَا هِيَ مِعْيَارُ الْوَزْنِ عِنْدَهُ، إِنَّهَا التَّقْوَى فَقدْ يَكُونُ الْمُحْتَقَرُ أَعْظَمَ قَدْرًا عِنْدَ اللهِ وَأَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ السَّاخِرِ مِنْهُ الْمُحْتَقِرِ لَهُ.
عِبَادَ اللهِ، قَدْ يَسْخَرُ الْغَنِيُّ مِنَ الْفَقِيرِ، وَالْقَوِيُّ مِنَ الضَّعِيفِ، وَالسَّوِيُّ مِنَ الْمُعَوَّقِ، وَالذَّكِيُّ الْمَاهِرُ مِنَ السَّاذِجِ الْجَاهِلِ، وَقَدْ يَسْخَرُ ذُو الْأَوْلَادِ مِنَ الْعَقِيمِ، وَذُو الْعَصَبَةِ مِمَّنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ وَالشَّرِيفُ مِنَ الْوَضِيعِ، إِنَّ السُّخْرِيَّةَ نِتَاجُ وَأَسَاسُ التَّكَبُّرِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ».
فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِقَارُ وَالِاسْتِصْغَارُ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الظَّالِمِينَ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ السُّخْرِيَّةِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُنْبَذَ هِيَ سُخْرِيَّةُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي انبت عَلَى الْعَصَبِيَّةِ، فَتَجِدُ الْجَاهِلِيَّ يَسْخَرُ مِمَّنْ هُمْ مِنْ غَيْرِ بَلَدِهِ أَوْ لَا يَنْتَمُونَ إِلَى قَبِيلَتِهِ، فَعَظَّمُوا الْقَبِيلَةَ أَشَدَّ مِنْ تَعْظِيمِهِمْ لِلَّهِ، وَجَعَلُوهَا هِيَ مِعْيَارَ الْحُبِّ وَالْكُرْهِ وَالْمَدْحِ وَالذَّمِّ، بَلْ كَانُوا يَعْقِدُونَ بَيْنَهُمْ مَا يُسَمُّونَهُ بِالْمُناظَرَاتِ، يَتَبَارَى فِيهَا الرَّجُلَانِ فِي مَجَالِسَ تُعْقَدُ بِذِكْرِ مَآثِرِهِمْ وَمَآثِرِ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ، وَالْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ سِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ الْيَهُودِ، لَقَدْ كَانَ مِنْ خِصَالِ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ الْكِتَابِيِّينَ وَالْأُمِّيِّينَ التَّفَاخُرُ بِالظُّلْمِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَى النَّاسِ وَالتَّعَدِّي عَلَيْهِمْ، فَهُمْ يَعْتَبِرُون ذَلِكَ فَضِيلَةً لهم عَلَى غَيْرِهِمْ، فَاليَهُودُ قَبَّحَهُمُ اللهُ تَعَالَى أَعْظَمُ النَّاسِ وُقُوعًا فِي هَذَا الْأَمْرِ قَالَ تَعَالَى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا}.
وَكَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ نَصِيبُ الْأَسَدِ فِي الْبَغْيِ وَالظُّلْمِ فَكَمَا قَالَ: عُمْرُو بْنُ كُلْثُوم:
لَنَا الدُّنْيَا وَمَنْ أَضْحَى عَلَيْهَا | وَنَبْطِشُ حينَ نَبْطِشُ قَادِرِينَا | |
بُغَاةً ظَالِمِينَ وَمَا ظُلِمْنَا | وَلَكنَّا سَنَبْدَأُ ظَالِمِينَا |
وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى:
وَمَنْ لَا يَزُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلَاحِهِ | يُهَدَّمْ وَمَنْ لَا يَظْلِمِ النَّاسَ يُظْلَمِ |
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ التَّفَاخُرَ فِي الْأَنْسَابِ لَيْسَ مِنْ خِصَالِ أَهْلِ الْإِيمَانِ، بَلْ أَهْلُ الْإِيمَانِ مِنْ خِصَالِهِمْ عَدَمُ التَّمْيِيزِ بَيْنَ النَّاسِ إِلَّا بِالتَّقْوَى، قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبَا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} فَعِنْدَمَا تَسْتَخْدِمُ لِسَانَكَ وَبَنَانَكَ لِتَصْنَعَ طُرْفَةً، أَوْ نُكْتَةً عَلَى قَبِيلَةٍ مِنَ الْقَبِائِلِ، أَوْ بَلْدَةٍ مِنَ الْبُلْدَانِ؛ لِلتَّهَكُّمِ بِأَهْلِهَا، أَوْ لِتُنْقِصَ مِنْ قَدْرِهَا؛ لِتُضْحِكَ مَنْ حَوْلَكَ عَلَيْهِمْ، وَتُثِيرَ عَنْهُمُ الْفَاحِشَةَ، أَوْ تَصِفَهُمْ بِأَوْصَافٍ تُخَالِفُ أَخْلَاقَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ مُرُوءَةٍ وَشَجَاعَةٍ، أَوْ تُنْقِصَهُمْ وَتَصِفَهُمْ بِالْغَبَاءِ أَوِ الْحُمْقِ أَوِ الْجَهْلِ، يُعَدُّ هَذَا بَغْيًا وَظُلْمًا، أَلَا تَخْشَى أَنْ تَدُورَ عَلَيْكَ دَائِرَةُ السَّوْءِ؟ أَمَا تَخْشَى أَنْ يَنْتَقِمَ اللهُ مِنْكَ فالْمُنْتَقِمَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ؟ أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الِانْتِقَامَ قَدْ يَكُونُ سَرِيعًا؟ أَوْ مَا تَخَافُ أَنْ يَرْفَعَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَخِرْتَ مِنْهُمْ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَيَدْعُوَ عَلَيْكَ فَتُصَابَ بِنَفْسِكَ وَمَالِكَ وَأَهْلِكَ؟
إِنَّ الِانْتِمَاءَ وَالْحُبَّ لِلْقَبِيلَةِ أَوْ لِلْبَلَدِ الَّذِي نَشَأَ فِيهِ الإِنْسَانُ – يُعْتَبَرُ شُعُورًا طَبِيعِيًّا لَا يُحَرِّمُهُ الْإِسْلَامُ، طَالَمَا بَقِيَ مُعْتَدِلًا غَيْرَ زَائِدٍ عَنْ حَدِّهِ وَغَيْرَ خَارِجٍ عَنْ حُدُودِ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدِهِ، فَإِذَا خَرَجَ عَنْ حُدُودِ الشَّرْعِ وَضَوَابِطِهِ فَهُوَ التَّعَصُّبُ الْمَمْقُوتُ، فَعِنْدَمَا صَرَخَ الْأَنْصَارِيُّ بِاسْمِ الْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرِيُّ بِاسْمِ الْمُهَاجِرِينَ غَضِبَ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «مَا بَال دَعَوَى الْجَاهِلِيَّةِ» ثُمَّ قَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. نَعَمْ إِنَّهَا مُنَتِّنَةٌ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ قِيلَتْ فِي غَيْرِ إِطَارِهَا الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَإِنَّ مُصْطَلَحَ الْأَنْصَاريِّ وَالْمُهَاجِرِيِّ لَا يَرِدُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ إِلَّا عَلى سَبِيلِ الْمَدْحِ، وَلَكِنَّ الْبَعْضَ قَالُوهَا وَهُمْ فِي حَالَةِ غَضَبٍ كَحَمِيَّةٍ، فَغَضِبَ مِنْهَا النَّبِيُّ وَحَذَّرَ مِنْهَا، وَالْإِنْسَانُ فِي حَالَةِ غَضَبِهِ قَدْ يَبْدُرُ مِنْهُ مَا يَنْدَمُ عَلَيْهِ، وَالْمَلَامَةُ عَلَيْهِ أَقَلُّ خَاصَّةً إِذَا نَدِمَ وَتَابَ.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ التَّعَصُّبَ وَالْحَمِيَّةَ لَا يَأْتِيَانِ بِخَيْرٍ إِنْ لَمْ يُضْبَطْ بِضَوَابِطِ الشَّرْعِ، فَلَقَدْ ظَهَرَتْ بَعْضُ صُوَرِ الْعَصَبِيَّةِ الْمَقِيتَةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ أَظْهَرَ مَا تَكُونُ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ، الَّذِي قَرَّبَ الْمَسَافَاتَ وَاخْتَصَرَ الْأَوْقَاتَ وَوَفَّرَ السَّاعَاتِ، فَهُوَ نِعْمَةٌ لَا يَعْلَمُ فَضْلَهَا إِلَّا مَنْ فَقَدَهَا، فَهُوَ جِهَازُ اتِّصَالٍ وَإِرْسَالٍ فَعَبْرَ رَسَائِلِهِ تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنْ مُنْكَرٍ، وَلَكِنْ فِئَةٌ مِنَّا اسْتَغَلَّتْهُ اسْتِغْلَالًا سَيِّئًا وَانْتَهَزَتْهُ انْتِهَازًا خَبِيثًا فَحَاوَلَتْ عَنْ طَرِيقِهِ إِحْيَاءَ مَآثِرِ الْجَاهِلِيَّةِ بِقَصْدٍ أَوْ بِدُونِ قَصْدٍ عَنْ عِلْمٍ أَوْ جَهْلٍ، فَتَجِدُ بَعْضَ أَهْلِ الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ أَوِ الْقَبِيلَةِ الْمُتَلَاحِمَةِ يَتَنَاقَلُونَ بَيْنَهُمْ مَا يَفْخَرُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ بِهِ، فَيُعَظِّمُونَ مَدِينَتَهُمْ، وَيُعْلُونَ قَدْرَ قَبِيلَتَهُمْ تَفَاخُرًا بِأَحْسَابِهِمْ وَطَعْنًا فِي غَيْرِهِمْ مَعَ تَحْذِيرِ النَّاصِحِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِلْأُمَّةِ عَنْهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ بِالْأَحْسَابِ وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالِاسْتِسْقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى المَيِّتِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وقال – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَذْهَبُ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونَنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ الْعَاقِلَ إِذَا جَاءَتْهُ مِثْلُ هَذِهِ الرَّسَائِلِ تَعَامَلَ مَعَهَا بِمَا يَلِي:
3-يُحَذِّرُ مِنْهَا فِي مَجَالِسِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْبَغْيِ الَّذِي نَهَى عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ فَقَالَ: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ}، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
بَلْ تَوَعَّدَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظَّالِمَ بِأَنَّ اللهَ سَيُعَجِّلُ فِي عُقُوبَتِهِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللهُ لِصَاحِبِه ِفِي الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ فِي الآخِرَة، مِن قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالْبَغْيِ» البُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
حفظنا واياكم من الفتن .