|

22 جمادى الأول 1446 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

 

 

الخُطْبَةُ الْأُولَى:


أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: اعلموا بأن كُلَّ مَنْ سَعَى بِقَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ؛ لِإِحْدَاثِ الْفَوْضَى، عَادَ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ. وَاسْتِهْدَافُ أَمْنِ الناس وَاسْتِقْرَارِهِمْ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، وَلَا يَقَعُ فِيهِ إِلَّا مَبْخُوسُ الْحَظِّ مَرْذُولٌ. وَمَنْ أَشْعَلَ فِتْنَةً تُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ، وَيُرْفَعُ فِيهَا الْأَمْنُ، وَيَزُولُ الِاسْتِقْرَارُ، بَلَغَتْهُ نَارُهَا فَأَحْرَقَتْهُ؛ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي مَأْمَنٍ مِنْهَا، فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسٍ الْعَمَلِ. وَمِنْ أَهَمِّ مُقَوِّمَاتِ الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ لُزُومُ الْجَمَاعَةِ، وعدم شَقِّ عَصَا الطاعة، وَعَدمِ الْمُبايعَةِ لِلِغَيْرِ إِمَامِك، فَكَلُّ مَنْ بَايَعَ غَيْرَ إِمَامَهُ فَهِيَ بَيْعَةُ جَاهِليَّة، وَبِدْعَةٌ شَيْطَانِيَّة وَضَلالَةٌ مُبِيْنَة.

 

عِبَادَ الله: اعْلَمُوا بِأَنَّ كُلُّ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يُؤَدِّي إِلَى الْفَوْضَى وَالِاضْطِرَابِ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ، وَرَدْعُ مَنْ يدعو إِلَيْهِ؛ كائناً من كان، حِفَاظًا عَلَى الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ.

 

عِبَادَ اللهِ، فِيْ يَومِ الأَحَدِ المَاضِيْ الْخَامِسَ عَشَر مِنْ شَهْرِ شَعْبَان، فُجِعَ النَّاسُ فِي مُحَافَظَةِ الزُّلْفِي الَّتِي - كَغَيْرِهَا مِنْ مُدُنِ وَمُحَافَظَاتِ بِلَادِنَا - تَعِيشُ بِأَمْنٍ وَأمَانٍ، وَرَغَدِ عَيْشٍ وَرَخَاءٍ، وَفِي وَقْتٍ امْتَلَأَتْ فِيهِ قَاعَاتُ الطُّلَّابِ بِمِئَاتِ آلَافٍ مِنَ الطُّلَّابِ وَالطَّالِبَاتِ وَهُمْ يَسْتَعِدُّونَ لِأَدَاءِ اخْتِبَارَاتِهِمْ فُوجِئَ النَّاسُ بِشِرْذِمَةٍ مُفْسِدَةٍ تَقْتَحِمُ مَبْنًى لِأَمِنِ الدَّوْلَةِ مِنْ أَجْلِ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَزَرْعِ الْخَوْفِ بَيْنَ النَّاسِ، وَكَانَ اللَّهُ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، ثُمَّ يَقَظَةُ رِجَالِ الْأَمْنِ الَّذِينَ كَانُوا لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، وَأَفْشَلُوا - بِعَوْنٍ مِنَ اللهِ وَمَدَدٍ - مُخَطَّطَهُمْ الْفَاسِدَ، وَجَرِيمَتَهُمُ النَّكْرَاءَ، وَرَدَّ اللَّهُ كَيْدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ وَقَطَعَ دَابِرَهُمْ. إنَّ اسْتِهْدافَ بَعْضٍ مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأرْضِ، الَّذِينَ يُفْسِدُونَ، وَلَا يُصْلِحُونَ، وَلَا يَعْرِفُونَ لِمُسْلِمٍ حُرْمَتَهُ وَلَا لِدَمٍ عِصْمَتَهُ، وَلَا لِوَلِيِّ أَمْرٍ طَاعَةً، بَلْ وَلَا يَخْشَوْنَ اللهَ جَلَّ شَأْنُهُ، وَلَا يَرْجُونَ لَهُ وَقَارًا.. إنَّ قُلُوبَ هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجِ امْتَلَأَتْ بِالْحِقْدِ وَالْكَرَاهِيَةِ وَالشَّرِّ، ابْتَعَدَتْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ، قَلُوبٌ لَا تَتَرَدَّدُ عَنْ قَتْلِ الْآباءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْإخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ}، إنَّكَ لَتَعْجَبُ – وَاللهِ - كَيْفَ أُشْرِبَتْ هَذِهِ الْقُلُوبُ الشَّرَّ، وَامْتَلَأَتْ هَذِهِ الْعُقُولُ بِالْغِلِّ وَالظُّلْمِ وَالْاسْتِهانَةِ بِالدِّمَاءِ، كَيْفَ يَسْتَسِيغُونَ قَتْلَ الأَبْرِياءِ، وَالْاعْتِداءَ عَلَى الْآمِنِينَ، إنَّ هَذِهِ الْجَرِيمَةَ النَّكْرَاءَ لَتَدُلُّ دِلَالَةً وَاضِحَةً أَنَّ لِهَذِهِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ بَقِيَّةً باقِيَةً، وَلَهُمْ قَادَةٌ هُمْ شَرُّ الْخَوَارِجِ وَالَّذِينَ يَصِفُهُمْ أهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَعَدَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يُحَرِّضُونَ الْجُهَّالَ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ وَعَلَى إرَاقَةِ الدِّمَاءِ وَهُمْ قَعَدَةٌ فِي بُيُوتِهِمْ يَتَنَعَّمُونَ بِحَيَاتِهِمْ وَيَسْعَدُونَ مَعَ أَبْنَائِهِمْ، وَيُحَرِّضُونَ الْجُهَّالَ مِنَ الشَّبِيبَةِ وَأَصْحَابِ الْحَمَاسَةِ الزَّائِفَةِ، وَيَؤُزُّونَهُمْ بِالْخَفَاءِ، وَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ، مَلَؤُوا قُلُوبَهُمْ وَآذَانَهُمْ بِمَا يُكَرِّهُهُمْ لِبِلادِ التَّوْحِيدِ، ولِوُلاةِ أَمْرِنَا وَعُلَمَائِنَا، وَرِجَالِ أَمْنِنَا، وَجَمِيعِ مَنْ فِي بِلادِنَا، لَقَدْ أَظْهَرَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ الْقَادَةُ الْقَعَدَةُ وَالْمُوَجِّهُونَ الْمُفْسِدُونَ بِأَنَّ بِلَادَنَا شَرُّ بِلادِ الْأَرْضِ، مَعَ أَنَّهَا - بِفَضْلِ اللهِ - خَيْرُ بِلادِ الْأرْضِ، دِينًا وَاعْتِقادًا، وُلَاةً وَرُعاةً، وَأَمْنًا وَرَخَاءً، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ الأَشْرَارَ يَسْعَوْنَ جَاهِدِينَ بِأَنْ يُبَدِّلُوا أَمْنَنَا خَوْفًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، ثُمَّ بِيَقَظَةِ رِجَالِ الْأَمْنِ الَّذِينَ لَا تَزِيدُهُمْ مِثْلُ هَذِهِ الْأَحْدَاثِ إلَّا قُوَّةً وَصَلابَةً، وَلِلْوُلاةِ حُبًّا وَطَاعَةً، فَرِجَالُ الْأَمْنِ - حَفِظَهُمُ اللهُ - يَبْذُلُونَ أَنَفُسَهُمُ الْغَالِيَةَ فِي سَبِيلِ اللهِ رَخِيصَةً، فَلَنْ تَزِيدَ هَذِهِ الْأَحْدَاثُ - بِفَضْلِ اللهِ - هَذَا الْمُجْتَمَعَ الطَّيِّبَ الْكَرِيمَ إلَّا قُوَّةً وَتَمَاسُكًا. لَقَدْ مَرَّتْ بِلَادُنَا بِجَرَائِمَ أَشَدَّ، فَانْدَحَرَ الْبُغاةُ، وَبَقِيَتِ الْبِلَادُ - بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ - عَزِيزَةً شَامِخَةً، كَرِيمَةً آمِنَةً، وَكُلَّمَا أَوْقَدَ أُولَئِكَ الْبُغاةُ أَهْلُ الشَّرِّ وَالْإرْهَابِ نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ، فَلَقَدْ كَشَفَ اللَّهُ لِلصِّغَارِ قَبْلَ الْكِبَارِ عَوَارَهُمْ، وَهَتَكَ أَسْتَارَهُمْ، وَمَحَا بَاطِلَهُمْ، وَأَذْهَبَ كَيْدَهُمْ.. فَالْخَيْبَةُ وَالْخُسْرانُ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ لِلْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ الشَّرَّ، بِلادُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، فَبِلَادُ الْخَيْرِ - بِفَضْلِ اللهِ - مِعْطاءٌ {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} فَمَآلُ أَهْلِ الْإفْسَادِ فِي تَبَابٍ، وَمَكْرُهُمْ سَيَنْقَلِبُ عَلَيْهِمْ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}.

 

عِبَادَ اللهِ،لَقَدِ اُعْتُدِيَ عَلَى رِجَالِ أَمْنِنَا؛وَهُم-وَاللهِ- صمَامُ الْأَمَانِ،وَحُرَّاسُهُ-بَعْدَ رَحْمَةِ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ-فَبِأَيِّ حَقٍّ يُقْتَلُ هَؤُلَاءِ الْأَبْرِيَاءُ النُّبَلَاءُ،الَّذِينَ يَبِيتُونَ يَحْرُسُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ؛لِيَحْمُوا بِلَادَنَا مِنْ مُهَرِّبِي الْمُخَدَّرَاتِ،وتُجَّارِ الْأَسْلِحَةِ وَالْمُتَفَجِّرَاتِ؛ فَثُكِّلَتْ أُمَّهَاتُهُمْ،وَيُتِّمَ أَطْفَالُهُمْ،وَرُمِّلَتْ نِسَاؤهُمْ،وَفُجِّعَتْ قُلُوبُ مُحِبِّيهِمْ،وُرُوِّعَ الْآمِنُونَ فِي بِلَادِنَا؛فَهَذَا لَيْسَ مِنْ دِينِ اللَّـهِ تَعَالَى فِي شَيْءٍ.

 

عِبَادَ اللهِ،لَقَدْ تَكَاثَرَ -وَرَبِّي- سَعْيُ الْمُفْسِدِينَ لِلْإِخْلَالِ بِالْأَمْنِ؛فَقَلَّتْ عِنْدَ بَعْضِهِمْ هَيْبَةُ الدَّمِ الْمَعْصُومِ وَحُرْمَتُهُ؛حَتَّى أَصْبَحَ بَعْضُهُمْ يَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ بِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ؛ لَقَدِ اِسْتَنْكَرَ هَذِهِ الْجَرِيمَةَ الْبَشِعَةَ؛الصِّغَارُ قَبْلَ الْكِبَارِ،وَالْعُلُمَاءُ وَالْعَوَامُ،وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ؛لِأَنَّ فِي اِسْتِنْكَارِهَا وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ،وَأَمَّا الرِّضَا بِهَا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا،وَعَدَمُ اِسْتِنْكَارِهَا؛ فَيُعَدُّ لَوْنًا مِنْ أَلْوَانِ الْخِيَانَةِ وَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ، فَنُصُوصُ الشَّرِيعَةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى فِي بَيَانِ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ الْمُعْصُومَةِ؛ قَالَ تَعَالَى : (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

 

عِبَادَ اللهِ، عَلَيْنَا أَنْ نُؤْمِنَ إِيمَانًا جَازِمًا أَنَّ هَذَا الْجُرْمَ الْعَظِيمَ؛ لَيْسَ مِنَ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ. وَأَصْحَابُ هَذِهِ الْأَفْكَارِ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا،وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِقَتْلِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ،وَهُمْ عَلَى شّرٍّ عَظِيمٍ،وَمَنْهَجٍ ضَالٍّ، وَهُمْ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ، وَكِلَابُ أَهْلِ النَّارِ، وَمِنْ أَخَسِّ مَنْ فِيهَا وَلَا عَجَبَ؛فَقَدْ تَقَرَّبَ أَسْلَافُهُمْ مِنَ الْخَوَارِجِ إِلَى اللهِ بِقَتْلِ عثمان و عَلِيٍّ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُما،

 

حَمَى اللهُ تَعَالَى بِلَادَنَا،وَبِلَادَ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَمَكْرُوهٍ، وَأَدَامَ عَلَيْنَا وَعَلَى المُسْلِمِينَ الْأَمْنَ وَالِاسْتِقْرَارَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ..

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

 

 الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ،وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ …… فَاِتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى

عِبَادَ اللهِ، لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْحَادِثَ الْإِجْرَامِيَّ، مِنْ مَكْرِ الْأَعْدَاءِ المُتَرَبِّصِينَ الَّذِين يُذْكُونَ نِيرَانَ الْفِتْنَةِ، وَيَنْفُخُونَ فِيهَا؛ لنزع الْأَمْنِ وَالِاسْتِقْرَارِ مِنْ بِلَادِنَا، وَإِحْلَالِ الْخَوْفِ وَالْفَوْضَى فِيهَا؛ لِتَحْقِيقِ أَهْدَافِهِمْ؛وَلَكِنَّ الْمُنْتَقِمَ الْجَبَّارَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ،ثُمَّ يَقَظَةُ رِجَالِ الأَمِنِ الشُّجْعَانِ،وَالْمُواطِنِينَ الصَّالِحِينَ الْأَخْيَارِ،الَّذينَ لَا يَرْضَونَ بِخَرْقِ صَفِّنَا،وَزَعْزَعَةِ أَمْنِنَا.

عِبَادَ اللهِ،عَلَى أَبْنَاءِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ مِنَ الشَّائِعَاتِ الْكَاذِبَةِ،وَالْأَرَاجِيفِ الْمُغْرِضَةِ،وَالْأَفْكَارِ الْهَدَّامَةِ،وَالْفَتَاوَى الْمُسْتَوْرَدَةِ،وَالْمَنَاهِجِ الْوَافِدَةِ الْمُخَالِفَةِ لِمَنْهَجِ سَلَفِ الْأُمَّةِ،وَلْيَحْذَرُوا مِنْ هَذِهِ الْأَفْكَارِ الَّتِي تُبَثُّ عَبْرَ بَعْضِ الْفَضَائِيَّاتِ،وَالْهَوَاتِفِ الذَّكِيَّةِ،وَالشَّبَكَةِ الْعَنْكَبُوتِيَّةِ؛وَتَسْعَى لِبَثِّ الْفُرْقَةِ،وَنَشْرِ الْخَوْفِ وَالْهَلَعِ،وَتَقْدَحُ فِي الْوُلَاةِ وَالْعُلَمَاءِ؛وَهُمْ – وَرَبِّي – مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ؛فَيُدْعَى لَهُمْ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ،وَلَا يُدْعَى عَلَيْهِمْ،وَلَا يُؤَلَّبُ ضِدَّهُمْ،وَلِيُعَانُوا عَلَى مَهَامِّهِمْ الْكَبِيرَةِ؛فَيُعَانُ الْوُلَاةُ عَلَى تَنْفِيذِ الشَّرِيعَةِ،وَرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ،وَسِيَاسَةِ النَّاسِ،وَلَا يُهَانُونَ لَا هُمْ،وَلَا الْعُلَمَاءِ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللَّهِ فِي الأَرْضِ أَهَانَهُ اللَّهُ» رواه الترمذي بسند صحيح

فيجب احترام الولاة وإعلان الحب والتوقير لهم، حَتَّى لَا يَنْقُصَ قَدْرُهُمْ عِنْدَ النَّاسِ،وَتُهَانَ أَعْرَاضُهُمْ،فِإِنَّ وَاقِعَنَا الْيَوْمَ تَتَلَاطَمُ فِيهِ ظُلُمَاتُ الْفِتَنِ كَتَلَاطُمِ الْأَمْوَاجِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ! فَلْنَكُنْ عَلَى حَذَرٍ كَبِيرٍ مِنْ هَذَا الْخَطَرِ الْمُحْدِقِ الْمُخِيفِ .

فَاتَّقوا الله أيُّها الشَّبَابُ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَكُونُوا فَرِيسَةً لِلشَّيْطَانِ، يَجْمَعُ لَكُمْ بَيْنَ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ، وَاِتَّقُوا اللهَ فِي الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشُّيُوخِ وَالْكُهُولِ وَالشَّبَابِ، وَاتَّقُوا اللهَ فِي الْمُسْلِمَاتِ مِنَ: الْأُمَّهَاتِ،وَالْبَنَاتِ،وَالْأَخَوَاتِ؛واتَّقُوا اللهَ فِي الشُّيُوخِ الرُّكَّعِ وَالْأَطْفَالِ الرُّضَّعِ، وَاتَّقُوا اللهَ فِي الدِّمَاءِ الْمَعْصُومَةِ،وَالْأَمْوَالِ الْمُحْتَرَمَةِ،قَالَ تَعَالَى: (فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )،وَقَالَ تَعَالَى: (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ), وَقَالَ تَعَالَى: ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ), وَقَالَ تَعَالَى:(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ .وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ .لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)، فَلَمْ يَتَقُوْا اللهَ بِوَالِديهِمُ الَّذِينَ يُحْزِنُهُمْ فِعْلُهُمْ، وَيُحْرِجُهُمْ تَصَرُّفُهُمْ، وَيُضَيّقُ صُدُورَهُمْ، وَيُدْمِي قُلُوبَهُمْ لانْحِرَافِهمْ، وَهَذَا مِنَ الْعُقُوقِ، وَلَقَدْ قَامُوْا هَؤُلَاءِ الْمُفْسِدِيْن بِعُقُوقٍ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ،  وَالْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ، وَعُقُوق الْبِلَادِ. وَنَقُولُ لِمَنْ انْخَدَعَ بِالْفِكْرِالْخَارِجِي: أفِيقُوا مِنْ سُبَاتِكُمْ،وَاِنْتَبِهُوا مِنْ غَفْلَتِكُمْ،وَلَا تَكُونُوا مَطِيَّةً لِلشَّيْطَانِ لِلْإِفْسَادِ فِي الْأَرْض  .

حَمَى اللهُ شَبَابَنَا مِنْ كَيْدِ الْمَاكرِيْن، وَجَعَلَهُمْ قُرَّةَ عَيْنٍ لِأَبَائِهِم.