|

3 جمادى الأول 1446 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

 

الْخُطْبَةُ الْأوْلَى: 

عِبَادَ اللَّهِ، الْفَسَادُ والْإِفْسَادُ فِي الْأَرْضِ صِفَةُ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، وَلَا يُفْسِدُ في الْأَرْضِ إِلَّا مَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ غِلًّا وحِقْدًا وَحَسَدًا وَغِيرَةً مِمَّا حَبَا اللَّهُ بِهِ هَذِهِ الْبِلَادَ الطَّيِّبَةَ الْمُبَارَكَةَ، وَلَقَدْ تَسَامَعَ الْعَالَمُ بِأَسْرِهِ عَنْ تِلْكَ الْجَرِيمَةِ الْكُبْرَى الَّتِي سَعَى مِنْ ورَائِها إِلَى تَرْوِيعِ الْآمِنِينَ، وَإِرَاقَةِ دِمَاءِ الْمُسَالِمِينَ، وَالْإِضْرَارِ بِاقْتِصَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِمَصَالِحِ الْعَالَمِينَ؛ فَحِينَ تَمْتَدُّ يَدُ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ وَتَتَّجِهُ لِمُحَاوَلَةِ تَفْجِيرِ مَوْقِعٍ مِنْ أَعْظَمِ مَوَاقِعِ النَّفْطِ فِي الْعَالَمِ، فَإِنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ وَرَاءَهُ لَيْسَ عَدُوًّا لِلْمَمْلَكَةِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ عدوا لِلْعَالَمِ بِأَسْرِهِ.

إِنَّ هَذِهِ الْمُحَاوَلَةَ الْغَاشِمَةَ وَالْجَرِيمَةَ النَّكْرَاءَ مُحَاوَلَةٌ ليْسَتْ جَدِيْدَة، بَلْ سَبَقَهَا  الْعَدِيْد مِنْ الْمُحَاوَلَاتِ بِالْقَدِيمِ والْحَدِيْث، تَنْتَهِيْ بِالْفَشَل ولا تحقق مُبتَغَاهَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَلُطْفِهِ ،فَهِيَ مُحَاوَلَاتٌ يَهْدُفُ أَصْحَابُهَا  مِنْ خِلَالِهَا إِلَى زَعْزَعَةِ أَمْنِ بِلَادِنَا، وَتَفْرِيقِ صَفها، وَتَشْتِيتِ جَمْعِها، وَلكِنَّهُا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ تَأتِي عَلَى نَقِيضِ قَصْدِهِا؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْهَجَمَات الآثِمَة، تَزْدَادُ فِيهَا الْبِلَادُ حُبًّا وَتَلَاحُمًا وَتَمَاسُكًا، وَتَأْكِيدَ الْوَلَاءِ وَالْبَيْعَةِ لِوُلَاةِ أَمْرِنَا.

إِنَّ هَذِهِ الْأَيْدِيَ الْخَبِيثَةَ تَسْعَى لِلْإِضْرَارِ بِاقْتِصَادِ الْمَمْلَكَةِ، وَالْإِضْرَارِ بِمَصَالِحِهَا؛ فَهِيَ أَكْبَرُ دُولِ الْعَالَمِ إِنْتَاجًا لِلنَّفْطِ، وَلِذَا سَعَى الْبُغَاةُ إِلَى مُحَاوَلَةِ تَفْجِيرِ مَعَامِلَ وَمْصَفَاةِ الْبِتْرُولِ فِي بَقِيقَ وَمَوقِع النَّفْط بِخريص؛ الَّتِي تَمُدُّ الْعَالَمَ بِأَسْرِهِ بِمُنْتَجَاتِ النَّفْطِ الَّتِي لَا غِنَى لِلْعَالَمِ عَنْهَا، ويَدُلُّ بِمَا لَا يَدَعُ مَجَالًا لِلشَّكِّ عَلَى أَنَّ مُرْتَكِبِي هَذِهِ الْجَرِيمَةِ النَّكْرَاءِ أَعْدَاءٌ لِلْبَشَرِيَّةِ قَاطِبَةً، وَيَجِبُ عَلَى جَمِيعِ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا أَنْ يَقِفُوا فِي وُجُوهِ هَؤُلَاءِ الطُّغَاةِ مَعَ وُلَاةِ الْأَمْرِ صَفًّا وَاحِدًا، وَأَنْ يَثِقُوا بِاللَّهِ ،ثُمَّ بِقُدْرَةِ قَادَةِ هَذِهِ الْبِلَادِ عَلَى مُوَاجَهَةِ العَدُوِّ، وَأَلَّا يَسْتَمِعُوا أَوْ يَتَأَثَّرُوا بِالْإِعْلَامِ الزَّائِفِ بِالْخَارِجِ الَّذِي يَضَعُ الْأُمُورَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِها الصَّحِيحَةِ، وَيُحَاوِلُ الِانْتِقَاصَ مِنْ هَذِهِ الْبِلَادِ، وَتَرْوِيعَ الآمِنِينَ فِيهَا؛ ومُحَاوَلَتُهُ وَبِإِذْنِ اللَّهِ لَنْ تَبُوءَ إِلَّا بِالْفَشَلِ، وَمَآلُهَا إِلَى الْخَيْبَةِ وَالْخُسْرَانِ، وَعَليْكُمْ الإِيْمَان بِأَنَّكُمْ تُحْسَدُوْنَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْه(.أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا) فَكُلُّ صَاحِبِ نِعْمَةِ مَحْسُوْد.

 عِبَادَ الله ، إِنَّ هَدَفَ إِيْرَان وَأَذْنَابَهَا مِنَ الْحُوثِييّن  لَيْسَ ضَرْب الْنَّفْط، وَإِضْعَافُ الْسُّعُوْدِيَّة بِزَعْمِهِم، بَلْ  لَهُمْ أَهْدَافٌ أُخْرَى، وَأَهَمُّهَا الْقَضَاءُ علَى أَهْلِ الْسُنَّةِ وَالجَمَاعَةِ فِيْ الْعَالَمِ بأَسْرِه، وَإِقَامَة دَوْلَة صَفَوِيَّة فَارِسِيَّة، وَلَكِن بإِذْنِ اللهِ تَعَالى وَقُوَّتِهِ وَعِنَايَتِهِ لنْ يَتُمَّ لَهُمْ هَذَا، فَهَذِه البِلاَدُ الْمُبَارَكَة مُتَمَاسِكَة وَللهِ الْحَمْد حُكَاماً وَمحْكُوْمِيْن.

 أَسْأَلُ اللهَ العَظِّيْم أَنْ يُرِيَنَا فِيْهُم عَجَائِبَ قُدرَتِهِ، وحَمَى اللهُ بِلادَنَا مِنْ كُلِّ شَر، وَحَفظَهَا مِنْ كُلِّ مَكْرُوْه.

انَّهُ سَمِيْعٌ مُجِيْب؛ أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى عباد الله ؛إِنَّ أَعْدَاءَ هَذِهِ الْبِلَادِ لَا يَزَالُونَ فِي سَعْيٍ شَدِيدٍ لِهَدْمِ مَا قَامَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأُسُسِ وَالْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ. أَعْدَاءٌ ظَاهِرُهُمْ من الكفرة  والْمَلَاحِدَةُ وَالشِّيُوعِيُّونَ، وَأَعْدَاءٌ يَنْسِبُونَ أَنْفُسَهُمْ لِلْإِسْلَامِ وَمَا هُمْ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَعْدَاءٌ نَهَجُوا مَنَاهِجَ فِكْرِيَّة خَبِيثَة، وَأَعْدَاءٌ يُظهِرُونَ الْغِيرَةَ عَلَى الدِّينِ وَهُمْ غُلَاةٌ أَنْجَاسٌ أَرْجَاسٌ كَالْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ، وَأَعْدَاءٌ مِنْ تِلْكَ الْجَمَاعَاتِ الضَّالَّةِ الْوَافِدَةِ. كُلُّ هَؤُلَاءِ أَعْدَاءٌ لَنَا وَلِدَوْلَتِنَا؛ يَمْكُرُونَ بِنَا واللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.

فَتَفَطَّنُوا لِمَكْرِ هَؤُلَاءِ، وَاعْرَفُوا الْأَصْلَ الَّذِي قَامَتْ عَلَيْهِ مَذَاهِبَهُم.

عِبَادَ اللَّهِ؛ عَلَيْكُمْ أَنْ تَعْلَمُوا عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ هَذِهِ الْجَرِيمَةَ النَّكْرَاءَ الَّتِي وُجِّهَتْ لِبَقِيقَ وخريص جَرِيمَةٌ تَدُلُّ عَلَى حَسَدِ الْعَدُّوِّ لَنَا ولِدَوْرِ الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ الْبَارِزِ فِي قِيَادَةِ الْعَالَمِ وَالتَّأْثِيرِ عَلَيْهِ،؛ فَهَذِهِ الْمَكَانَةُ وَالْهَيْبَةُ لِبِلَادِنا أورثَتْ الْعَدُوَّ الْحِقْدَ وَالْغِلَّ وَالْحَسَدَ، قال تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا)، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ أَنْ تَثِقُوا بِأَنَّكُمْ تُحْسَدُونَ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ أَنْتُمْ فِيهِ، وَأَهَمُّهُ نِعْمَةُ التَّوْحِيدِ وَالْإِسْلَامِ، وَالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَانْعِدَامِ مَظَاهِرِ الْبِدَعِ والْخُرَافَاتِ بِفَضْلِ اللَّهِ وَكَرَمِهِ وَلُطْفِهِ، وَالْإِيمَانِ وَالْأَمْنِ وَالْأَمَانِ وَرَغَدِ الْعَيْشِ، وَاللُّحْمَةِ الطَّيِّبَةِ بَيْنَ الرَّاعِي والرَّعِيَّةِ، وَقُوَّةِ صِلَةِ الرَّاعِي بِالرَّعِيَّةِ وَقُوَّةِ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ، وَعَدَمِ تَأَثُّرِ أَبْنَاءِ بِلَادِنَا بِدَعْوَاتِ التَّهْيِيجِ وَالْخُرُوجِ عَلَى الْحَاكِمِ الَّتِي عَمَّتْ غَالِبَ الْعَالَمِ؛ فَالْمُظَاهَرَاتُ وَالْخُرَافَاتُ بِلَادُنَا بِفَضْلِ اللَّهِ بِمَنْأًى عَنْهَا، وَهَذا أَغَاظَ الْعَدُوَّ وَدَفَعَهُ لِجُرْمِهِ، وَبِلَادُنَا بِفَضْلِ اللَّهِ لَيْسَتْ عَاجِزَةً عَنْ الرَّدِّ وَتَأْدِيبِ الْمُعْتَدِي، وَلَكِنَّهَا رُزِقَتْ  وعرفت بِالْحِلْمِ وَالصَّبْرِ وَالتَّأَنِّي، وَاتِّخَاذِ الْقَرَارِ الْمُنَاسِبِ فِي الْوَقْتِ الْمُنَاسِبِ، فَخُطْوَتُهَا بِفَضْلِ اللَّهِ مَدْرُوسَةٌ، وَقَرَارَاتُهَا مُتَأَنِيَّةٌ وَالْحِلْمُ مَنْهَجٌ لَهَا، والتَّرَيُّثُ صِفَةٌ عُرِفَتْ بِهَا، وَالْعَجَلَةُ بِلَادُنَا بِمَنْأًى عَنْهَا، وَإِلَّا لَمَا سَادَتْ وَسَاسَتْ ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ الثِّقَةَ بِاللَّهِ، ثُمَّ بِوُلَاةِ أَمْرِكُمْ، وَعَدَمَ الْخَوْضِ فِيمَا لَيْسَ لَنَا بهِ عِلْم، وَإِنَّمَا يُذَكِّرُ بَعْضُنَا بَعْضًا بِنِعَمِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ، وَوُجُوْبِ الْسَّمْعِ والْطَاعَة ، وَتَرْك مُتَابَعَة إعْلَام العَدُّو ،حَمَى اللَّهُ بِلَادَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَرَفَعَهَا وَأَعَزَّهَا وَحَرَسَهَا.