|

22 جمادى الأول 1446 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

الْخُطْبَةُ الْأُولَى: 

 عباد الله؛ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ مِنَّا بِأَنَّ كُوْرُوْنَا فَيرُوسٌ مُعْدٍّ؛ وَمَرَضٌ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَمْرَاضِ يُقَدِّرُهُ اللهُ -جَلَّ وَعَلّا- عَلَى عِبَادِهِ مَتَى شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ؛ وَمَوْقِفُ الْإِسْلَامِ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْمُعْديَّةِ وَاضِحٌ، فَيَجِبُ أَنْ يُبْذَل كُلّ جُهْدٍ لِلَحْدٍ منها، وَعَدَمِ اِنْتِشَارِهِا وَتَعَدِّيِها إِلَى الْغَيْرِ، مِنْ خِلَاَلِ عَدَمِ الْاِخْتِلَاطِ، بِالْمَرِيضِ الْمُصَابِ بِالْمَرَضِ الْمُعْدِّي.

وَالْمُسْلِمُ الْمَرِيضُ بِالْمَرَضِ الْمُعدِّي مَأْمُور شَرْعًا؛ بِالْإفْصَاحِ عَنْ مَرَضِهِ لِلْجِهَاتِ الْمَسْؤُولَةِ، وَعَدَمِ خِدَاعِ النَّاسِ؛ بِحَيْثُ يُخْفِي مَرَضُهُ، بَلْ هُوَ مَلْزُومُ بِالْاِلْتِزَامِ بِالْحَجَرِ الصِّحِّي؛ وَالْإِسْلَامُ جَعَلَ مِنَ الْمُسْلِمِ مُحَاسَبًا وَرَقيبَاً عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنْ يَتَّبِعَ الْأَمْرَ وَلَا يَعْصِي.

عباد الله ؛شَرَعَ الاسلام  التَّدَاوِيَ وَالْعِلَاجَ، وَأَكَّدَ أَنَّه لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ، فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: (نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، إِلَّا دَاءً وَاحِدًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: الْهَرَمُ).رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيْح؛وَأَرْشَدَهُمْ إِلَى أَنْوَاعٍ مِنَ التَّدَاوِي، وبَيَّنَ لَهُمُ الْمَشْرُوعَ وَالْمَمْنُوعَ، وَمَا جُعِلَ شِفَاؤُهُمْ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ.

عِبَادَ اللهِ؛ لَقَدْ اتَّخَذَتْ بِلَادُنَا خُطُوَاتٍ مُوَفَّقَةً مُبَارَكَةً بِفَضْلِ اللهِ ثُمِّ حِرْصِ وُلَاةِ أَمْرِنَا، حَفِظَهُمُ اللهُ، لِمُوَاجَهَةِ هَذَا الْوَبَاءِ الْمُعْدِي، بِعَوْنِ اللهِ وَمَدَدِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الدَّوْلَةَ، وَفَّقَهَا اللهُ، وَبَارَكَ فِي جُهُودِهَا، دَفَعَتِ الْمِلْيَارَاتِ لِلْحُصُولِ عَلَى التَّطْعِيمَاتِ الْوَاقِيَةِ مِنَ الْوَبَاءِ كَغَيْرِهَا مِنَ التَّطْعِيمَاتِ النَّافِعَةِ بِفَضْلِ اللهِ كَالتَّطْعِيمَاتِ الْوَاقِيَةِ مِنَ الْجُدَرِيِّ وَالْحَصْبَى، وَالْحُمَّى الَّتِي يَتَسَارَعُ النَّاسُ لِتَنَاوُلِهَا مِنْ أَجْلِ وِقَايَتِهِمْ مِنْ هَذِهِ الْأَوْبِئَةِ الْمُنْتَشِرَةِ وَالْمُتَفَشِّيَةِ، وَهَذِهِ الْخُطُواتُ الْمُوَفَّقَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي تَبْذُلُها بِلَادُنُا الْمُبَارَكَةُ، مِنْ أَجْلِ مَصْلَحَةِ مُوَاطِنِيهَا وَالْمُقِيمِينَ فِيَها، تُذْكَرُ، فَتُشْكَرُ. 

فَعَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يُبَادِرُوا بِالْحُصُولِ عَلَى هَذِهِ التَّطْعِيمَاتِ، وَهِيَ موثوقة بِفَضْلِ اللهِ، وَلَا يُمْكِنُ لِبِلَادِنَا أَنْ تَبْذُلَ الْغَالِي وَالنَّفِيسَ مِنْ أَجْلِ تَوْفِيرِهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَأَكَّدَتْ مِنْهَا، وَمِنْ جَدْوَى نَفْعِهَا بِمَشِيئَةِ اللهِ عَزَّ وَجَّلَ، وَأَنَّها سَبَبٌ بِعَوْنِ اللهِ مَوْثُوقَ، وَهِيَ الْحَرِيصَةُ عَلَى حِمَايَةِ مُوَاطِنِيهَا وَسَاكِني بِلَادِهَا مِنْ أَنْ يَتَضَرَّرُوا، وَلَا مَصْلَحَةَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحُثَّ عَلَى هَذِهِ التَّطْعِيمَاتِ الْوَاقِيَةِ بِمَشِيئَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهِيَ خِلَافُ الْحَقِيقَةِ. 

عِبَادَ اللهِ؛ إِنَّ التَّقْلِيلَ مِنْ هَذِهِ التَّطْعِيمَاتِ، أَوْ الاسْتِخْفَافَ بِهَا، أَوْ التَّحْذِيرَ مِنْهَا لَا يَصْدُرُ مِنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ عَقْلٌ وَفَهْمٌ وَحِكْمَةٌ. 

عِبَادَ اللهِ؛ اعْلَمُوا أَنَّ الْجِهَاتِ الْمَسْؤُولَةَ هِيَ الَّتِي أُنِيطَتْ بِهَا هَذِهِ الْمَهَمَّةُ  وَالْجِهَاتُ الْمَسْؤُولَةُ هِيَ وَزَارَةُ الصِّحَّةِ وَهَيْئَةُ الْغِذَاءِ وَالدَّوَاءِ، وَهِيَ الَّتِي فِي عُنُقِهَا وَمَسْؤُولِيَّتِهَا تَحْدِيدُ النَّافِعِ وَالضَّارِّ مِنَ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَغْذِيَةِ، وَعَلَيْنَا أَلَّا نَتَعَدَّى هَذِهِ الْجِهَاتِ، وَمَنْ أَرْخَى سَمْعَهُ لِغَيْرِها فَقَدْ جَنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَلَى مَنْ يَسِيرُونَ فِي نَهْجِهِ وَرَكْبِهِ. 

اللَّهُمَّ اكْفِنَا شَرَّ هَذِهِ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. 

عِبَاد اللهِ؛ وَمِمَّا ينبغي التَّأْكِيدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَتَجَنَّبَ نَشْرَ مَا يُسَبِّبُ الْخَوْفَ وَالْهَلَعَ لِلناس؛ مِنْ خِلَالَ نَشْرِ الشَّائِعَاتِ: وَأَنْ يَحْذَرَ أَيْضَاً مِن نَشْرِ الشَّائِعَاتِ الَّتِي تُطْلَقُ وَتُرَوَّجُ لِلتَّهْوِينِ مِنْ خُطُورَتِهِ، حَيْثُ سَمِعْنَا مَنْ حَوَّلُوا الْأَمْرَ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْاِسْتِخْفَافِ وَالسُّخْرِيَّةِ بِهِ.

فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَامَل مَعْ هَذَا الْمَرَضِ بِتَوَسُّطٍ لَا يُهَوِلُهُ وَلَا يَسْتَخْفِفْ فِيهِ؛ وَأَنْ يَلْتَزِمَ بِتَوْجِيهَاتِ الْجِهَاتِ الْمَسْؤُولَةِ الَّتِي أَنَاطَ بِهَا وَلِيُّ الْأَمْرِالمسؤلية؛ كَوَزَارَةُ الصِّحَّةِ وَهَيْئَةُ الْغِذَاءِ وَالدَّوَاءِ، وَلَقَدْ وُفِقَتْ بِلَادُنَا -وَلِلَهِ الْحَمْدُ- بِاِتِّخَاذِهَا الْقَرَارَاتِ الْمُتَفِقَةِ مَع مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ بِالتَّعَامُلِ مَع هَذَا الْمَرَضِ بِالحَدِ مِنْه وَالْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِلُطْفِ اللهِ وَعَوْنِهِ لِبِلَادِنَا، وَهِي خَطَوَاتٌ مُوَفَّقَةٌ مُبَارَكَة.

اللَّهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسائر البلاد من شَرَّ الْأَمْرَاضِ وَالْأَوْبِئَةِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، اللَّهُمَّ اِرْفَعْ عَنَ جميع عبادك الْغَلَاَءَ وَالْوَبَاءَ وَالرِّبَا والزنا وَالزَّلَازِلَ وَالْمِحَن، وَسُوءَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنْ؛ بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيْم وَنَفعنَا فِيهِ.اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.