|

21 جمادى الأول 1446 هـ

مسابقة السيرة النبوية | استمع في دقيقة وربع إلى: " الشرك الأصغر" للدكتور/ صالح بن مقبل العصيمي التميمي | يمكنكم الأن إرسال أسئلتكم وسيجيب عليها فضيلة الشيخ الدكتور صالح العصيمي

بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ: 

 

الخُطْبَةُ الْأُولَى:

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. 

١-عِبَادَ الله؛ الْمِنَحُ الْرَّبَّانِيَّةُ،وَالْهِبَاتُ الْرَّحْمَانِيَّةُ،وَالْعَطَايَا الْإِلَهِيَّةُ كَثِيرَةٌ جِدَّاً، تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَمَا لَنَا إِلَّاأَنْ نَقُولَ كَمَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : ( كَثُرَ وَالله خَيْرُ اللهِ وَطَابَ ).

٢- عِبَادَ الله؛وَمِنْ عَطَايَا اللهِ،وَفَضْلِهِ الْعَظِيمِ ، الرَّكْعَتَانِ بعد الأذان، وقَبْل صَلَاةِ الْفَجْرِ،فَهَاتَانِالرَّكْعَتَانِ، فِيهِمَا مِنَ الْخَيْرِ الْعَظِيمِ، مَا يَدْعُو الْمُسْلِم،لِلْحِرْصِ عَلَيْهَا،وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ بِهَا، وَمِنَ الْأَحَادِيثِالَّتِي وَرَدَتْ فِي فَضْلِهَا، مَا يَلِي: 

٣- قَالَ اَلنَّبِيُّ ﷺ فِي شَأْنِ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ : ( لَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا جَمِيعًا ) . رَوَاهُمُسْلِمٌ . 

٤- وَقَالَ ﷺ :( رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ . 

٥- وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ ﷺ :( إِنَّ اَللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً إِلَى صَلَاتِكُمْ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ، أَلَا وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ ) . 

٦- فَالدُّنْيَا بِأَسْرِهَا مُنْذُ خَلَقَهَا اللهُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ ، بِمَا حَوَتْهُ مِنْ مُلْكٍ،جَمِيعُ مَا مَلَكَهُ مُلُوكِ الْأَرْضِ،بِمَا فِيهِ مُلْكِ سُلَيْمَانَ، وَمُلْكِ جَمِيعِ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مَلَكُوا الأَرْضَ بِزَمَانِهِمْ، وجميع ما ملكه الناس، فَمَايَنَالُهُ الْمُؤْمِنُ مِنْ ثَوَابٍ يَوْمَ يَلْقَى اللهُ علي ركعتي الفجر، أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الْأَمْلَاكِ، الْأَمْلَاكُ الْعَامَّةَوَالْخَاصَّةَ، لِجَمِيعِ سُكَّانِ الْأَرْضِ،فَلِمَاذَا التَّفْرِيطُ وَالتَّسَاهُلُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ لَا تَأْخُذُ مِنَ الْمُسْلِمِدَقَائِقَ؟ وَلَوْ فَاتَتْهُ لَشَرَعَ لَهُ قَضَاؤُهَا، مِنْ بَعْدٌ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى قَبْلِ صَلَاةِ الظُّهْرِ . 

٧-وَلِمَكَانَتِهَا لَمْ يَدَعَهَا اَلنَّبِيُّ ﷺ لَا فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ ، وَكَانَ يَتَعَاهَدهَا ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُعَنْهَا :( لَمْ يَكُنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى شيءٍ مِنَ النَّوافِلِ أشَدَّ منه تَعَاهُدًا علَى رَكْعَتَيِ الفَجْرِ ). رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

٨-وكان ﷺ يخففهما، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ:( كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخَفِّفُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حتَّى إنِّي لَأَقُولُ: هلْ قَرَأَ بأُمِّ الكِتَابِ؟) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

٩-( كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ إذَا سَمِعَ الأذَانَ، وَيُخَفِّفُهُمَا ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

١٠-ورَسولَ اللهِ قَرَأَ في رَكْعَتَيِ الفَجْرِ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

١١- و في حالات كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ في رَكْعَتَيِ الفَجْرِ: {قُولوا آمَنَّا باللَّهِ وَما أُنْزِلَ إلَيْنَا}، وَالَّتي في آلِ عِمْرَانَ: {تَعَالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بيْنَنَا وبيْنَكُمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

١٢-وَفِيْ رِوَايَة: أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم كانَ يَقْرَأُ في رَكْعَتَيِ الفَجْرِ في 

الأُوْلَى منهمَا: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآيَةَ الَّتي في البَقَرَةِ، وفي الآخِرَةِ منهمَا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

١٣-ويسنُ قضاء ركعتي الفجر فرَسُوْلُ اللهِ :( نامَ عن رَكعتيِ الفجرِ فَقَضَاهُمَا بعدَ ما طلعتِ الشَّمس ). وَهَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.

١٤- وَرَسُوْلُ اللهِ رَأَى رجلًا يُصَلِّيْ بَعْدَ الفجرِ فَقَالَ:( أتصلي الصُّبْحَ أربعًا وفي لفظٍ: أصلاةُ الصُّبْحِ مرَّتين فَقَالَ الرجلُ: إنِّي لم أَكن صلَّيتُ الرَّكعتينِ اللَّتينِ قبلَهما فصلَّيتُهما الآنَ فسَكتَ رسولُاللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ).وَصَحَحَهُ الْأَلْبَانِيُّ،وَحَسَّنَهُ الْعِرَاقِيُّ، وَاحْتَجَّ بِهِ ابْنُ حَزْمٍ،وَقَالَ عَنْهُ شَيْخُنَا ابْنُ بَازٍ:حَدِيْثٌ لَا بَأْسَ بِهِ،رَحِمَنَااللهُ وَإِيَّاهُمْ.

١٥-فَالْأَفْضَلُ لِمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ، أَنَّ يُصَلِّيهُمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ،وَإِنْ خَشِيَ النِّسْيَانَ،أَوْالْكَسَلِ ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيهمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ . 

16ــــ قال ابن مسعود رضي الله عنهما:( إن هاتين الركعتين صلاة الملائكة ). رواه ابن ابي شيبة بسند صحيح.

١7-عِبَادَ اللهِ؛إِنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ،هِيَ أَكَدُ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ ، بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ،فَاحْرصُوْا عَلَى أَدَائِهَا يَا عِبَادَاللهِ،فَهِيَ غَنِيمَةٌ بَارِدَةٌ ، لَا يَعْلَمُ عِظَمُ ثَوَابِهَا إِلَّا الله،فَاللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ .

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

****************************

———— الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:—————

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

عِبَادَ اَللَّهِ ؛ اِتَّقُوا اَللَّهَ حَقَّ اَلتَّقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ اَلْمَسْؤُولِيَّةَ اَلْمُلْقَاةُ عَلَى عَوَاتِقِنَا عَظِيمَة، مَسْؤُولِيَّة حِمَايَةِ أَبْنَائِنَا ، وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا مِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْفِكْرِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ ، وَمِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْأَخْلَاقِيَّةِ ، فَعَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَقُومَ بِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ ، بِحِمَايَةِ هَذِهِ اَلنَّاشِئَةِ مِنْ جَمِيعِ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ .أَوْ تَضُرُّ بِبِلَادِهِمْ، جَعَلَهُمْ رَبِّي قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَنَا.

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا،اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،  

اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا،

اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ 

اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ،اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.